الجمعة، 8 أغسطس 2014

زينبيات III



أن يُكشف لك جزءاً كان مخفياً عن عقلك في تعريفك لنفسك، أمرٌ صعب، إذ أنك تشعر بأن هناك في مكانٍ ما في أعماق كينونتك لا تزال توجد أجزاء لم ترها ولن تعرف كيفية التعامل معها !
عندها؛ يقف العقل حائراً، يقف و حسب، لا يصدر الأوامر لباقي الحواس ليرشدها.
على كلٍ أبغض هذا الشعور

الأربعاء 9/7/2014
الثانية مساءاً

-------------------------------------

صوت عجلات القطار المترنحة على السكة يجعل قلبها يرجف خوفاً، كلما تحرك القطار أكثر علا الصوت أكثر، شعرت و كأنها تسير إلى مكانٍ مجهولٍ على غير إرادتها، و أخذت الأفكار تهبط على رأسها واحدة تلو الأخرى حتى أصبحت كل فكرة تزاحم أختها، ترغب كل منهن في طرد الأخرى من مساحتها !
لم تحاول أبداً ترتيب الأفكار على الرغم من اضطراب خاطرها بهن! تركتهن وحسب يعبثن بعقلها حتى تصل إلى وجهتها المعلومة حقيقةً المجهولة فكراً؛ أمام الناس، مظهرها يوحي بالهدوء والسلام رغم تلك الحرب الداخلية حامية الوطيس!
كان الله في عون هؤلاء الذين تخفي دواخلهم عكس ما يبدون.

الجمعة  30/5/2014
السادسة مساءاً

-------------------------------------

دعوني أحدثكم عن حائط البعد، عن ذلك الحاجز الذي يحول بين القلوب، عن ذاك الجدار الضخم الذي تبنيه الأفعال الباهتة كالتجاهل واللامبالاة، هي أفعال ضعيفة في مظهرها وقوية جدا في جوهرها وتأثيرها، ولها من الشدة ما يجبر المشاعر على الهروب من القلوب مكرهة من دون حيلة، والأدهى أنها تبني ذلك الحاجز المتين حتى لا تعود المشاعر مرة أخرى و تستقر في القلب؛ مكانها الطبيعي!
عندها وعندها فقط، يكون عليك التعامل مع قلبٍ خالٍ من المشاعر، يشبه الجليد في برودته والصخر في قسوته، وتكون زحزحة جبل بأكمله أهون من عودة هذا القلب إلى ما كان عليه، لأن القلوب تألف الحواجز كما تألف المشاعر، ولا تلوموا الأفئدة المتجمدة القاسية فالملام هو من بنى ورفع ذلك الحاجز منذ البداية.

الاثنين 14/7/2014
العاشرة صباحاً
-------------------------------------

لا أستطيع أن أتمنى لأحدٍ الخير أو الدعاء له وأنا غاضبة عليه ومنه! هكذا أنا أو ربما هو طبع البشر عموماً، إذا حاولت استعطاف نفسي تجاه من أغضبني و إجبار فمي على الدعاء، لا يتجاوز الأمر كونه تمتمات لا معنى لها تخرج من الفم لا صلة لها بالقلب والعقل! هذا الطبعُ سيء وأنا سيئةٌ أيضاً؛ كم أغبط هؤلاء الذين يتناسون الإساءة سريعاً.

الخميس 15/5/2014
الثانية صباحاً

-------------------------------------

قال أبي: "إياكِ أن تظهري جهلك بشيٍ ما لأحد، إن فعلتِ سيأكلك الناس!" لم أستطع تحديد المشاعر التي انتابتني عند سماع هذه العبارة! هل كنت ساخطة؟ غاضبة؟  خائفة؟ أو متعجبة؟ لا أعرف، كل ما عرفته حينها أنني أردت أن يكون عالمي كله طيب حتى لا أسمعها ثانيةً، أبغض العيش الحذر من كل شيء.

الأربعاء 14/5/2014
السابعة مساءاً

-------------------------------------

الاهتمام، ذلك السراب الذي أبحث عنه في عينيه فلا أجده، للاهتمام لمعان يجعل الأعين تنبض بقوافل متتابعة من كلمات الحب، من دونه تبقى العين جامدة صلبة يتحرك إنسانها يميناً ويساراً وجيئةً وذهاباً وفي كل مكان بحثاً عن مهرب من واقع الجمود فلا يجد، ويستمر في حراكه فحسب، لما لا نجعل الأمور أسهل؟! لما نهرب من الحقيقة؟! لماذا تأثر النفوس الصمت؟! "عفواً أنا لا أحبك" لما لا نقولها صراحة فنريح ونستريح، لماذا نرفض الاعتراف بأن الألم الناتج عن تلك الجملة أهون ألف ألف مرة من ألم السكوت؟!

الاثنين 14/7/2014
العاشرة صباحاً

-------------------------------------

أتدرون ما العذاب؟ أن تصمت في أشد لحظات لسانك قوة، أن تسكت في أوج غضبك، أن تواجه كل عواصف الغيظ بداخلك وحدك، أن تجبر شفتاك على الابتسامة في أشد لحظات الجمود، أن توئد أي محاولة للصراخ، أن تواجه أقرب الناس إليك مرتدياً شخصاً غير الذي يقبع بداخلك.
هذا هو العذاب، هذا هو جلاد النفس، وقاتل البهجة وجزار الأفئدة، هذا هو المسخ الذي يتغذى على جروح القلب، هذا هو العدو الخفي القاتل، لكِ الله أيتها النفوس الصامتة، لكِ الله وحسب.

الاثنين 14/7/2014
العاشرة صباحاً
-------------------------------------

هكذا الإنسان؛ إذا أراد شيئاً بشدة ينتظر الحصول عليه، ينتظر وينتظر حتى يمل الانتظار ويمل مَن جعله يلجأ إليه! عندها تسحب المشاعر نفسها من القلوب تدرجياً وتلقائياً حتى تغدو كأن لم تولد! لذلك قالوا "الانتظار قاتل".

الخميس 15/5/2014
السابعة صباحاً

-------------------------------------

أتعرفون ما الحيرة؟ هي شخص؛ شخصٌ لديه قرونَ الشياطين و أجنحة الملائكة معاً،شخصٌ تحبه وتبغضه في الوقت ذاته، شخصٌ كلما ذكر اسمه تهاوت الأسئلة على عقلك كالشلال، أسئلة تسقطك معها في أعماق التفكير تبحث وتبحث وتبعثر وترتب، تراجع هذه الجملة وهذا الموقف وتلك الحكاية وذاك الانفعال علك تجد إجابةٌ منطقيةٌ واحدة لكن هيهات! فقط هو من لديه العقدة والحل! فقط هو من يستطيع أن ينتشلك من طوفان للتفكير الجارف هذا، هو ذاك السراب، هو الجواب الضائع، هو الحيرة بعينها.

الاثنين 10/3/2014
الثانية صباحاً
-------------------------------------

عالمٌ من الدمى؛ كل ما فيه وهمي، لا شيء نحياه كمان نريد، لا طعام، لا شراب، لا هواء، لا حياة؛ جميعنا دمى تحركت وفقاً لما يريدون في مسرحهم الكبير، نظن ما نظن ثم تكشف لنا الحقيقة في النهاية بصفعة تسمى الصدمة! سحقاً؛ متى سنعيش حياةً حقيقة؟ حياة بمعنى كلمة حياة؟ مهلاً؛ ربنا معنى الحياة الذي تعلمناه منهم مزيفٌ أيضاً، لا هروب؛ أغبط من خرج من هذه اللعبة الملوثة نقياً بلا عودة.

الأربعاء 29/1/2014
الخامسة صباحاً

-------------------------------------

هناك، في بلد يسوده العدل تسافر أحلامي كل ليلة، أتخذ من عيناي المغلقتين وسيلة للسفر ومن قلبي المفتوح مرشداً لي في رحلتي، هناك حيث القرى الطيبة والبشر ذوي الفطرة النقية، هناك أجد الشجر والرمل والبحر كما أنزلهم الله، فلا شجر قتل ولا رمل تلون بالدماء ولا بحر تلوث بالسموم، هناك؛ و أبقى هناك حتى يسكن كل شيء، ثم أفيق لأجد نفسي في عالمنا هذا وكأن شيئاً لم يكن بالأمس! يوماً ما سأذهب إلى هناك بلا عودة، يوماً ما يارب.

الثلاثاء  21/1/2014
الواحدة صباحاً

-------------------------------------

وأهوى أن أغمض جفناي وألقي بجسدي المتعب في أحضان ظلمة الليل شديد العتمة، أفرغ ما حَمَله عقلي من أحداثِ فترةٍ ماضية استعداداً لملئه بتفاصيل جديدة، ما بين الفراغ والملء لحظة سكون عائمة تأتي ثم تذهب في لمح البصر، فقط أتمنى أن تتنازل عن ثقلها يوماً و تطول أكثر، ولماذا لا تصبح لحظة الراحة لحظات سعادة متصلة؟! لا أقول ساعات بل لحظات، ومتى سيكف ضميري عن تأنيب ابتسامتي؟! وكيف سأعود إلىَ ماهيتي الأولى إن كانت الثانية تفرض نفسها بقوة العقل؟! حقاً تباً لتناقد أفكاري، أعرفتم الآن لماذا لأعشق الليل؟ لأنه الوحيد الذي يراني كما أنا.

الجمعة 24/10/2014
الثالثة صباحاً

-------------------------------------

حين أحملق في نافذة غرفتي، وتلفح وجهي برودة الهواء ليلاً، أدوات الشعور في جسدي تجبر عقلي على تذكر الشتاء الماضي، الله كم غُيِّرت وغَيَّرت! حين لمستني تلك النسمة الباردة، انتاب جسدي الساكن رعشة خوفٍ اهتز لها كياني، سألت كينونتي في صمت "منذ متى وأنتِ تخافين البرد؟ ألم يكن العشق في جو ثلجي أسمى أمانيك؟!" لم انظر إجابتها وشعرت بنفسي تبكي على نفسي! نسمات البرد التي أحببتها العام الماضي أصحبت  كلطمات رجل قاسي الملامح، لازلت أشعر باحمرار وجنتاي وانتفاض أعماقي من الخوف، كم تغيرت !!

الثلاثاء 22/10/2013
الثانية صباحاً
-------------------------------------

وبعد كلِ هذا الوجع يقولون أني تغيرت.!
أجل تغيرت ..
ما عدت أستطعم ترهاتكم الواهية، ما عدت أرى لحياتكم السطحية لذة، ما عدت أستطيب العيش كما تريدون، ما عدت أذهب  قضيتي إلى منأى بعيد عن حياتي.
تغيرت؟!أجل تغيرت، لأن أولئك الضحايا المذبوحين غدراً بالنسبة لكم بشر تروح وتجيء، أما أنا فأجدهم روحي وكياني واستنشق ريحهم بين أنفاسي، شهيقي دخان معاركهم وزفيري رائحة القنابل التي اختنقوا بها، أما أنا فدموع قلبي وعيني عليهم تغسل روحي كل ليلة من عفن أنغامكم البغيضة،أما أنا فصور بسماتهم تضيء ظلمة ليلي وتنير طيات سبيلي وتكشف أفخاخ طريقي.
تغيرت؟! أجل تغيرت، وأبغضني قديماً، قلبي تبدل وعقلي تنور، ما عدت أرى الحياة بألوانكم الزاهية الخداعة، فقط أرى الحياة بأعينهم وألوانهم النقية.
تستغربون حديثي وتستوحشون قديمي وتستنكرون شجني، عجباً! ولما أنا؟! لم أعد منكم على أي حال، أنتم هياكل يحركها التيار، أما أنا فقد علموني السير العكسي، كانوا "المقاومة" وسأكمل ما بدؤوه لـ "تستمر، أجل؛ أنا تغيرت ولن أعود، فقط حلوا عني.

الجمعة 4/10/2014
الثالثة صباحاً


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق