الخميس، 18 أبريل 2013

صرخــــــــــــــــــــــة




كثرت جراحي فلم أعد أعرف من أي جرح أنزف..
كثرت آلالامي فلم أعد أعرف من أي ألم أتوجع..
كثرت دموعي فلم أعد أعرف أي الدموع أزيح ..
كثرت طعناتي فلم أعد أعرف أي طعنة أداوي..
آآآآآآآهٍ أيها القلب المسكين أشفق عليك من كثرة الهموم التي تحملها على عاتقك، فلا الأيام حملتها معك ولا خفف الزمان الحمولة.
أرى الظلام في كل مكان حولي .. حتى صرت أغمض عيني عن الضوء .. أطفال وشيوخ وسيدات وشباب .. وكأنها موجة عاصفة قاتلة تمر علينا فلا ترحم أحداً.
شيخ جزَّ عنقه .. فتاةُ قتلت برائتها .. طفل كَبُر بالإكراه .. شابٌ اغتصبت أحلامه .. بيت خَرَ على رؤوس أصحابه .. أصوات صياح وعويل هنا وهناك لأمة قد ضاعت هيبتها وراحت كرامتها ودفنت عزتها.
دائماً ما أسمع تلك الحكايات عن أمجادٍ لم أعشها، عن الملك الفاتح فلان، والأمير المغوار علان، والفارس الصنديد هتان، عن تلك البلد التي كانت يوماً ملكاً لنا، عن هذه الأرض التي نعمت تحت حكمنا، عن تلك السماء التي زينت بعزتنا، عن أصوات جيوشنا في الحروب، عن صهيل خيولنا في المعارك، عن كذا وعن كذا وعن كذا، كلام لم أشعر به لمجرد أنه حكاية أو قصة أقرأوها قبل النوم لتؤنس وحدتي، ثم يغلبني النعاس لأحلم بالمجد القادم وألهث وراءه واقترب من لمسه بل أمسكه بيداي فأنظر فيهما فلا أجد إلا التراب !  دائماً من تمنيت أن أعيش في زمان غير الزمان ومكان غير المكان، ليس اعتراضاً على قضاء الله ولكن تعطشاً لزمن تكون فيه الكلمة العليا لحاملي رايات الحق.
حتى التمني بات صعباً .. فما أن أغمض عياني وأحلم حتي يأتي ذلك الواقع الشرس ليقتل كل أحلامي بطعناته السيفية المؤلمة .. لمـاذا؟ لماذا بات الحق غريباً هكذاً؟ لمـاذا ؟ لماذا لا يراه الناس وهو واضح وضوح الشمس في وضح النهار؟! لمـاذا؟ لماذا يفضل الناس أن يعيشوا في غياهب الظلام رافضين أي شعاع للنور وكأنه العدو؟ لمـاذا؟ لماذا قلبت الآية وأصبح الحقُ باطلاً والباطلُ حق؟ لماذا ولماذا ولماذا .. لقد ارهقتني تلك الأسئلة .. أجد نفسي في منتصف الطريق، فلا أهل الحق أغاثوني ولا اهل الباطل لوثوني! حتى متى سأنتظر من يقودني إلى الطريق الصحيح؟ أعجز عن المشي وحيدة .. وقد تعبت ذراعي من كثرة الشد من الاتجاهين حتى كادت تنخلع من مكانها!
صرخــــــــــة أكتمها في جسدي حتى ارتفعت درجة غليان الدم إلى أقصاها، ولو أطلقتها لأسمعت العــــــالم .. ولكن كلما حاوَلْت تخرج مجروحة فلا يسمعها إلا أنا .. بح صوتي وشرخ فؤادي وتعب عقلي .. يــارب لم أعد أحتمل قسوة هذا الزمن على البشر .. يارب لم أعد أقوى على النظر إلى أشلاء الجرحى ودماء المصابين .. يارب جفت الدموع من عيني واستبدلت بالدم .. يارب نحن عبيدك وبنوا عبيدك وامائك فارحمنا .. لا مرارة في الحياة أشد من مرارة الظلم ... مظلمون فانصرنا متعبون فقونا ضعفاء فخذ بأيدينا .. كثرت المصائب وهدرت الكرامة وتشتتنا .. فمــاذا بعد؟!!! لقد نخر السوس في رؤوسنا حتى فرغت .. الصمود فنٌ لا يتقنه هذا الجيل.
ياليــت العالم يسمع صرخاتي .. ياليت الدنيــا تفهم صيحاتي .. ياليت الكون يكتب حكاياتي .. يقولون إن النصر لآتِ! .. عذراً فالنصر لا يأتي إلا بتضحياتِ .. لا بالأسلحة النحساتِ .. لا بصراخ الكلمات .. لا بضحكات سخرات .. لا بمجالس أَنُسات .. عذراً يا شباباً أضعتوا أمجاداً خالدات .. عذرا يا بناتٍ فرطتن في إرث الجداتِ .. لا نصر من دون دين لعبور تلك الازماتِ .. فلتبقوا في لهو فجٍ ولتنسوا تلك النغمات .. لن ينفعنا يوم مجد أو فخر بتراث ماضي .. فالحاضر يقبى عالمنا والماضي باقٍ بثُبات.