الثلاثاء، 28 فبراير 2012

حاجز العشرين



عشرون عاماً انقضت من عمري!! بحلوها ومرها وبسعدها وشقائها و بجميع تقلبات الزمان بها، أذكر نفسي عندما كنت طفلةً لم تتجاوز الخامسة .. أذكر نظرتي للحياة كيف كانت بسيطة وعفوية .. أذكر أن أهم القضايا التي كانت تشغل بالي وتفكيري هي حصولي على تلك الدمية أو هذا الفستان، أتذكر كيف كانت نظرتي لمن بلغوا العشرين عاماً، كنت أظنهم أكثر الناس حظاً وكيف لا وقد أصبحوا في أزهى مراحل الشباب .. أتذكر احتفاء الآخرين بهم وترديددهم لعبارات "أصبحتِ إمرأة" أو "غدوتَ رجلاً" لكني كنت استغرب مسحة الحزن تلك اللي كنت ألتمسها في عيني كل من بلغ العشرين، وددت كثيراً أن استفسر عن سبب هذا الحزن و لكن دائماً ما كانت تخونني شجاعتي، و الآن و بعد خمسة عشر عاماً يشاء الله أن أكون واحدةً منهم.
"مبروك بلغتِ العشرين" يا الله ما أثقل عبء هذه الكلمة على كاهلي، كيف كبرت بهذه السرعة؟ كيف مر بي الوقت دون أن أدركه؟ أحاول كثيراً أن استوقف ذاكرتي عند أهم محطات عمري التي انقضت دون أن أنتبه إليها فلا أجد فيها سوى القليل من الصور الباهتة غير واضحة المعالم.
كثيرةٌ هي المواقف التي تذكرني بأن الوقت يداهمني و بأن سيفه لا يرحم أحداً، فعلى قدر سروري ببلوغي العشرين و اقترابي من السن المميز عندي سن الواحد والعشرين سن الرشد إلا أنني كثيراً ما أتصادم مع مخاوفي التي تأخذني دائماً إلى الخلف حيث يوجد قلقي واكتئابي.
حيرة .. تشتت .. مفاجأة .. فرح .. فراغ.. إلى متى ستستمر أيها العقل المسكين في التقلب بين هذه المصطحات دون تحديد وجهتك؟! أما آن لسفينة التفكير السليم أن تغادر ميناء هذا الشاطئ الحزين؟! ما الفائدة من النظر إلى عمق مياه الحياة إذا لم تسيري أيتها السفينة و تصارعي أمواجها بنفسك؟! الغرق احتمال وارد و لكن الوصول لضفة النجاح أيضاً احتمال وارد، ما الضرر من التجربة و التقدم نحو الأمام إذا لم يكن هناك ما يمنع؟! لقد قالها أحد الحكماء منذ زمن بعيد "الحياة تجارب" و قد قررت أن أخوض تجربتي، ليس من الضروري أن أنجح في كل المواقف فلكل جواد كبوة، و ليس إلزاماً أن أختار الخيار الصحيح على طول الطريق فأنا لست منزهة من الخطأ لا سمح الله، إذا كان الوقت كالسيف فحريٌ بيَ أن أكسر هذا السيف قبل أن تطولني حدته.
لقد عبرتُ حاجز العشرين و ما كان قد كان فلا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، الأفضل أن أنظر لما هو آت، إذا أعطاني الله عمراً فلن أترك العشرون عاماً القادمة تذهب سداً، سأعمل واجتهد وأنجح وأفشل وأكرر المحاولة و أتعلم من أخطائي، العشرين ليست نهاية العالم بل بدايته، انتهت الآن مرحلة الطفولة وحان الوقت لعبور هذا الباب للدخول إلى باب آخر ومنطقة أخرى هي منطقة العقل و الرشد و التعلم .. فبسم الله أبدأ رحلتي.

السبت، 18 فبراير 2012

اسكت يا لساني




        "اسكت يا لساني" عبارة أرددها كثيراً لمنع لساني بالنطق بما لا تحمد عقباه، فما أكثر استفزازت الحياة التي تضعني دائماً في خانة اليك، أكبر مشكلاتي تكمن في نقدي الدائم لمن حولي!! و كثيرٌ من انتقاداتي يكون مؤلماً و قاسياً،  فدائماً أظل حائرة بين أمرين: الأول كوني لا أرى نفسي أفضل من الأشخاص الذين انقدهم، و الثاني هو وجود الصفات التي تجعل الآخرين محل نقد في نظري.
ما العمل إذن؟ هل أمتنع عن ابداء الرأي فيمن حولي؟ أم أظهر ما أرى فيهم من عيوب؟
أحدهم قال لي ذات مرة "لستي أفضل منا حالاً .. فعندما تشيرين إلينا بإصبع الاتهام يكون هناك ثلاثة أصابع أخرى تشير إليكِ .. أمعني النظر في يدك عندما تشيرين لشخص ما بإصبح الاتهام ذاك و ستري أن عيوبك ضعف عيوب هذا الشخص ثلاث مرات على الأقل". يا إلهي .. ما أسوأ هذا الموقف الذي وضعني فيه ذاك الشخص .. بل ما أسوأ عيني التي لم ترى سوى عيوب الآخرين .. لا بل لا يوجد أسوأ من عقلي الذي لم يدرك عيوب شخصي الحقيقي و بدلاً من ذلك أطلق لساني بلا ظابط و لا رابط.
أدركت الآن لماذا كان كتمان الغيظ واجباً، أهٍ ياليتني انتبهت لقوله تعالى "والكاظمين الغيظ و العافين عن الناس" أو قوله تعالى "ادفع بالتي هي أحسن".
 لكن الجميل في الأمر أن الأوان لم يفت بعد و كما كانت تقول جدتي  بلغتها البسيطة "اللي انكسر يصّلح" و الحمد لله الذي خلق الإنسان إنساناً لينسى إساءات الآخرين له، و الحمد لله الذي جعل من حولي يمكلون قلوباً بها جرعة كافيه من الصفاء تجعلهم دائماً حولي رغم انتقادي المستمر لهم.
يا الله .. كم من الوقت استغرقت حتى أدرك أن الحياة هي الحياة منذ خلق سيدنا آدم عليه السلام، مبادئها و مكوناتها و قيمها ثابتة لا تتغير ولكن من يتغير هو نحن  البشر المتنقلين جيئة و ذهاباً بين الظروف التي نصنعها بأيدينا ثم نلقي اللوم على الحياة المسكينة إذا لم تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن المحملة بتقلبات مزاجنا. 
لن أتوقف عن قول عبارة "اسكت يا لساني" و لكن هذه المرة سأرددها لكي أتعلم أن عيوبي تطغى على عيوب الآخرين، و لن اتوقف عن النظر إلى أصابعى عند الإشارة للآخرين لأن الطريف أنني أدركت أن الأصابع التي تتجه نحوي قد تظهر ما هو جميل عندي و لكن فقط حين الإشارة إلى شخص بهدف اظهار ما هو محمود فيه.
ما أجمل أن أقول الآن "فلتسكت أيها اللسان و لتنفتح أيها العقل".

Zeina